الثلاثاء، 22 مايو 2012

السقوط المدوي في جنيف: لم يعد أحد يصدق حكومة البحرين


سقطت حكومة البحرين في الامتحان العسير الذي واجهته في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف اليوم، لدى مناقشة التقرير الذي تقدمت به في إطار المراجعة الدورية الشاملة لأوضاع حقوق الإنسان.
وقال مراقبون إن موقف الحكومة بات محرجا جدا على الصعيد الدولي بعد أكثر من عام على الانتفاضة التي شهدت أعنف الانتهاكات التي لا زالت مستمرة حتى اليوم رغم كل الوعود والتعهدات.
وأضاف المراقبون أن فشل البحرين في إقناع مجلس حقوق الإنسان بجدوى حلولها الترقيعية للأزمة السياسية والحقوقية في البلاد، يضاف إلى فشلها في تنفيذ التزاماتها التي تعهدت بها أمام المجلس عام 2008، وبات من المنتظر أن تكون قضية البحرين حاضرة دائما في المحافل السياسية والحقوقية تحت ضغط كبير من قبل المنظمات الدولية.
ولم تستفد الحكومة من وزير الدولة الجديد لشئون حقوق الإنسان صلاح علي الذي اختارته بديلا عن الوزيرة فاطمة البلوشي لتمثيلها في مجلس حقوق الإنسان، إذ لم تعد الدول تصدق ما تقوله حكومة البحرين، ويبدو أنها باتت على قناعة أن وفود البحرين لا تقدم سوى الأكاذيب الملفقة، وزيرا بعد وزير.
وعلى الرغم من تكرار الوزير الجديد الذي ترأس الوفد الحكومي من أن الحكومة تقوم بتنفيذ توصيات لجنة تقصي الحقائق، إلا أن الدول الأعضاء في المجلس، وكذلك الدول الأخرى غير الأعضاء، واصلت الطرق على ضرورة التطبيق الجدي والمستعجل للتوصيات، وأن ما جرى تنفيذه غير كاف، مطالبة بجدول زمني واضح وآلية شفافة في هذا السياق.
وبرزت في هذا الصدد بوضوح، مواقف الدول الأوروبية ممثلة في كل من سويسرا وألمانيا والدانمارك وإسبانيا وإيطاليا وفرنسا وهولندا والسويد وسلوفينيا وبريطانيا وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي عبرت عن مواقف قوية تناوبت فيها على التعبير عن قلقها إزاء انتهاكات حقوق الإنسان، واستمرار التعذيب بحق المعتقلين السياسيين، واستمرار الإفلات من العقاب.
وبرزت قضية التعذيب في السجون بقوة، كقضية رئيسة، خلال معظم المداخلات التي تقدمت بها الدول المشاركة. كما أشير أكثر من مرة إلى عمليات هدم المساجد، وقضية ناشطي حقوق الإنسان عبدالهادي الخواجة ونبيل رجب التي أثيرت في أكثر من مداخلة، في الوقت الذي أصر الناطق باسم وفد الحكومة صلاح علي على عدم وجود معتقلين سياسيين، أو محتجزين بسبب ممارسة حرية التعبير، وهو الأمر الذي لم ينطل على أي من الدول التي تصدت لمناقشة الملف، باستثناء الدول العربية.
وفي حين لاقت كلمات بعض الدول الأوروبية المنتقدة لحكومة البحرين تصفيقا حارا من الحضور، صفق الوفد البحريني مرة واحدة وذلك حين امتدحتهم مملكة تايلند في كلمتها، ليكون الرد إسكاتهم بشكل محرج جدا من رئيسة الجلسة، كما أن موقف تايلند بدا مفاجئا حين انتقدت الانتهاكات التي ارتكبتها الحكومة وطالبتها بالإصلاح رغم ما تبع ذلك من إشادة.
وتنوع حديث الدول المشاركة بين المطالبة بوضع حد للعنف، ومحاسبة المسئولين رفيعي المستوى المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، وإعادة المحاكمات، وبين التطبيق الكامل والجاد لتوصيات لجنة تقصي الحقائق، والوصول إلى تسوية سياسية تلبي مطالب المحتجين. وعبّرت بعض الدول عن أسفها لاستمرار ملاحقة واعتقال ناشطي حقوق الإنسان وطالبت بالإفراج عن جميع السجناء السياسيين، غير آبهة بما ساقه الوفد الحكومي من تخريجات ومعلومات مضللة حول ذلك.
وطرحت بعض الدول الأعضاء مسألة إرساء لجان أممية للتحقيق والمتابعة، في حين طالبت حكومة البحرين بالتوقيع على اتفاقية روما لمناهضة للتعذيب، وأدانت الدول المشاركة التضييق على الحريات الصحفية وعدم السماح للإعلام الأجنبي بدخول البحرين ومنع المعارضة من الظهور في الإعلام، وكذلك عدم استقلال وسائل الإعلام في البلاد، كما طالبت بعدم إعاقة المظاهرات السلمية، وعدم انتهاك المواثيق الدولية في استخدام القوة.
ووصف مراقبون موقف دول الاتحاد الأوروبي بالقوي والحاد جدا، وقالوا إنهم فتحوا بابا لدفع حكومة البحرين إلى حل سياسي عاجل عن طريق حوار جاد وذي مغزى مع أطراف المعارضة.
إلى ذلك اعتبر المراقبون موقف جميع الدول العربية الديكتاتورية متآمرا ومفضوحا، وأبدوا دهشتهم من سذاجة موقف هذه الدول، إذ كانت جميع الوفود تتحدث عن انتهاكات حقوق المواطن البحريني، بينما كانت بعض الدول العربية تتحدث عن قضايا أخرى مغايرة تماما كإصلاح التعليم والاتجار بالبشر والعمالة الوافدة، وذلك في محاولة يائسة لتضييع القضية والتمويه عليها، وقال المراقبون إن الدول العربية بدت في كلماتها كمن يغرد خارج السرب تماما، وكمن لا عهد له بثقافة حقوق الإنسان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق