الاثنين، 30 أبريل 2012

اليمن من الانقسام الى الوحدة ثم الثورة

رغم التاريخ السياسي القصير نسبيًا للجمهورية اليمنية التي تأسست عام 1962، إلا أن هذه الجمهورية شهدت طوال سنواتها الخمسين عدة حروب أهلية وأعمال عنف، قبل أن ينتهي الأمر بثورة شعبية أطاحت بالرئيس علي عبد الله صالح وأجبرته على الاستقالة من منصبه. وترسخ البنية الاجتماعية في اليمن دور النظام القبلي وتمنحه دورًا يفوق دور مؤسسات الدولة، هذا بالإضافة إلى تراكم عدة مشكلات رئيسية، هي الفقر و نفوذ تنظيم القاعدة، والرغبة لدى سكان المناطق الجنوبية في الانفصال. وبدأ الصراع في اليمن عام 1962 عندما تأسست الجمهورية اليمنية في الشمال، إذ اندلعت حرب أهلية بين الإمام وأنصاره المدعومين من السعودية، ودعاة الجمهورية بدعم مصري، وانتهت بإعلان الجمهورية اليمنية في المناطق الشمالية. بينما بقي جنوب اليمن تحت الاحتلال البريطاني إلى أن استقل لاحقًا عام 1967، وبدأت الاشتباكات تندلع بين شطري اليمن. وبعد تولي الرئيس السابق علي عبد الله صالح مقاليد الحكم عام 1978، استمرت الاشتباكات بين الجانبين حتى حقق الشمال الانتصار وانتهى الأمر بإعلان الوحدة عام 1990، وهرب الرئيس الجنوبي علي ناصر محمد. وفي 1994، تجددت الحرب بين القوات الشمالية والجنوبية بعد أن أعلن نائب الرئيس علي سالم البيض انسحابه إلى عدن، عاصمة جنوب اليمن السابق، وإعلانه استقلال الجنوب، وهو ما قابله علي عبد الله صالح بالنكران، واصفًا إياه بإنه إعلان «غير قانوني»، وتقدم نحو المدن الجنوبية في حملة عسكرية احرقت الاخضر واليابس وهروب البيض خارج اليمن وأعاد صالح ضم الجنوب من جديد. ولكن على الرغم من ذلك فإن تنظيم الحراك الجنوبي مازال فاعلاً في المناطق الجنوبية، ويثبت من حين إلى آخر قدرته على حشد مئات الآلاف من أنصار استقلال الجنوب وإعادة إعلانه دولة من جديد. وإلى جانب المشكلة المزمنة في الجنوب، شهد عام 2000 أولى هجمات تنظيم القاعدة، وبعدها وقعت تفجيرات انتحارية بالقرب من السفارة البريطانية، وعام 2001، حيث ظهر تنظيم القاعدة في مناطق الجنوب وكانه امر منظم وهو ماتم كشفه بعد الثورة اليمنية ان هناك ارتباط بين القاعدة ونظام صالح حيث كان يسهل النظام حركة تنقلهم بين مناطق الجنوب بالتحديد دون ان يمارس اسلوبه العسكري بالقضاء على ذلك التنظيم. وعام 2005، ظهرت الاحتجاجات الاقتصادية في اليمن، عندما تظاهر الآلاف احتجاجا على تقليص إعانات الوقود، وأسفرت الاشتباكات بين الأمن والمتظاهرين عن وقوع أكثر من 36 قتيل على الأقل. وعام 2006، فاز صالح بولاية رئاسية جديدة، وبعدها بعام مباشرة، جرم القانون اليمني التظاهر في صنعاء وأعلنت السلطات منع حمل اليمنيين أية أسلحة. وإقليميًا، ترتبط اليمن بعلاقات متشابكة وقوية مع الدول الخليجية، بحكم موقعها الجغرافي في شبه الجزيرة العربية وتحكمها في مضيق باب المندب عن طريق البحر الأحمر، بالإضافة لارتباطها بحدود مع المملكة السعودية من الشمال، وعُمان من الشرق. وقد بدأت إرهاصات الثورة في كانون الاول عام 2010 عندما اعتصم مئات اليمنيين أمام البرلمان احتجاجا على التعديلات الدستورية التي أجراها حزب «المؤتمر الشعبي الحاكم». وفي منتصف كانون الثاني وعقب يوم من هروب الرئيس التونسي زين العابدين بن علي إلى السعودية يوم 14 كانون الثاني 2011، اندلعت الثورة التي أدت لتنحي علي عبد الله صالح بموجب شروط المبادرة الخليجية، وتولي نائبه عبد ربه منصور هادي الحكم. إشكالية بناء الدولة المدنية توجّت الثورة اليمنية 50 عامًا من الصراعات السياسية في هذا البلد، الذي يأمل شبابه، وقود الثورة الأخيرة ضد حكم الرئيس علي عبد الله صالح، في بناء دولة ديمقراطية حديثة تنفض غبار الماضي، الذي مازال يلاحق هذا الحلم ويهدده. غير أن هذه الثورة بعد أن أطاحت بـ«دولة» صالح وأتت بنائبه المشير عبد ربه منصور هادي رئيسًا مؤقتًا لعامين، يتولى حكم البلاد خلال الفترة الانتقالية التي سيصيغ فيها اليمنيون دستورًا جديدًا، تواجه مخاطر أخرى تتمثل في مساعٍ انفصالية لدى الجنوبيين الساعين إلى الاستقلال من جديد بعد ماتعرض اليه الشعب الجنوبي من قتل وتشريد بعد الوحدة 1990، وينتظر اليمن من الجانب الامني تهديدات أمنية لتنظيم القاعدة. وتواجه الثورة اليمنية تحديات كبيرة بعد إنجاز مهمتها الأولى بالإطاحة بصالح ونجله الوريث الذي كان منتظرًا، إذ أن هناك العديد من الملفات التي تراكمت مشاكلها طوال السنوات الماضية وتحتاج حلولاً جذرية. المهمة الأولى الملقاة على عاتق القوى السياسية في يمن ما بعد الثورة هو إعادة بناء الدولة بمفهومها الحديث، واعتماد المؤسسات بديلاً للنظام القبلي الذي تحكم فعليًا في مصير البلاد طوال الأعوام الخمسين الماضية. ويقول الباحث السياسي الدكتور عبد الله أبو الغيث إن «الثورة الشعبية أعادت للهوية اليمنية اعتبارها، وجعلت الناس يدركون بأن الخلل ليس في تعدد الانتماءات المذهبية والمناطقية والقبلية، بقدر ما يتمثل في غياب العدالة الاجتماعية والمواطنة المتساوية، وذلك هو العنوان الأبرز الذي يجب أن تتشكل على أساسه هوية الدولة القادمة في اليمن». وبناء دولة حديثة تتخلص من النظام القبلي لن يكون مجرد تغيير شكلي، فدولة المؤسسات ستكون قادرة على حل مشاكل أمنية أثرت على الزراعة والتجارة، كما ستعالج المشاكل الاقتصادية في بلد ارتفعت فيه أسعار السلع بأكثر من 50% خلال عام الثورة، بينما يعاني 40% من سكانه من الفقر. ويقول الباحث اليمني معتز علوي عبيد إن «السلطة اليمنية و الحكومة اليمنية ليست إلا عبارة عن تكتلات قبلية و قبائل كبيرة اجتمعت لتنظم اليمن بعد حكم الإمامة». فيما يعتقد الباحث البريطاني باتريك ريجر في دراسة أن النظام القبلي في الشمال هو ما يهدد الوحدة مع الجنوب
http://www.beladicenter.net/index.php?aa=news&id22=814

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق