الاثنين، 15 أبريل 2013

الكويت: قانون الإعلام الجديد وكبت الحريات!


مسفر النعيس
جاء قانون الإعلام الجديد والذي تكون من (99) مادة بعد إقراره من مجلس الوزراء كالصاعقة على الإعلاميين والصحافيين وجميع اصحاب الاختصاص كالمؤسسات الإعلامية والصحف المحلية والقنوات الفضائية وغيرها، فهو قانون مخالف للدستور الكويتي وبالتحديد المادة (36 ) منه والتي تنص على أن حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة او غيرهما وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون.
إذاً انه قانون تكميم الأفواه وكبت الحريات والكتابة كما نريد وليس كما تريد، فمن أجل إسكات بعض من الأصوات التي تمادت وعزفت سمفونية ذات لحن نشاز وغردت بكلمات ليست من عاداتنا وتقاليدنا ومخالفة لأعرافنا ومرفوضة من قبل الجميع، من أجل كسب بعض من الشهرة الزائفة، جاءت الحكومة بهذا القانون لتعيد البلد للوراء عشرات السنين وتجعله في عداد الدول المستبدة والمتخلفة.
 فبكل تجرد وبعيداً عن المجاملة، ارى أن هناك مواد مهمة لا بد من وجودها في القانون وهي عقوبة الحبس لمن يمس الذات الإلهية أو القرآن الكريم أو الأنبياء او الرسل أو الصحابة او زوجات النبي او آل البيت وكذلك التعرض لشخص صاحب السمو أمير البلاد وولي عهده، سواء بالنقد او نسب اقوال لهم، فبالرغم من أن ذات سمو ولي العهد غير مصانة في الدستور الكويتي إلا ان الجميع يكن له كل محبة وتقدير ولن يمس سوى ممن يبحث عن شهرة زائفة.
اعتقد أن القانون به الكثير من المثالب وسلبياته أكثر من إيجابياته، فبعد قراءة متمعنة عبر جريدة «الراي» للقانون الذي نشر على ثلاثة اجزاء وبعد الاطلاع على تصريحات وزير الإعلام وقراءة بعض المقالات والتقارير، ارى أن تشديد عقوبة الغرامة من 50 ألف دينار الى 300 ألف دينار، لمن ينتقد بعضاً من الأوضاع المقلوبة في البلد ومن ينتقد فشل الحكومة وعدم تأديتها لدورها على أكمل وجه، اعتقد انه بمثابة حبس للصحافي والكاتب الذي لن يستطيع دفع مبلغ الغرامة وسيكون مصيره السجن فهي ألغيت على الورق فقط، كما أن تفرد وزارة الإعلام بصلاحية الغلق الإداري لمعظم الأنشطة الإعلامية يعتبر قراراً غير واقعي ويعرقل العمل الإعلامي، وهناك مادة مستغربة وهي إلزام كل من يريد إنشاء موقع إعلامي الكتروني، الحصول على ترخيص مسبق، فهل يعقل هذا ونحن في عصر التكنولوجيا وثورة الاتصالات والإنترنت، فهذا القرار بمثابة عودة لزمن التخلف وكبت للحريات، كما أن التشدد في الرقابة أمر مرفوض فمن غير المعقول ان يلزم الطابع قبل طباعة اي مطبوع ان يقدم اخطاراً مكتوباً وهذا يعرقل العمل الإعلامي الذي يعتمد على سرعة نشر الخبر، وهناك مادة تحدثت عن ترخيص القنوات المرئية والمسموعة وتلزم صاحب الترخيص بتعيين مدير للقناة كممثل قانوني، كنت اتمنى لو تضمنت المادة الكشف عن مصادر تمويل القناة ومنعها من ضرب النسيج الاجتماعي وزعزعة الوحدة الوطنية، وجاء في الفصل السابع الرقابة على الأفلام السينمائية والحصول على إذن مسبق قبل عرض الأفلام وليت القانون تطرق لكسر الاحتكار أيضا.
 انه قانون ناقص ومخالف للدستور الكويتي، فما جاء على لسان وزير الإعلام بأنه اضافة للإعلام بشكل عام وانه يسعى من خلاله لتطوير آليات العمل في ما يتعلق بالإعلام الواعي والهادف وانه يحتوي على أمور تنظيمية، كل ذلك كلام لا يسمن ولا يغني من جوع ولا يواكب الواقع الذي نعيشه ولايتلاءم مع قوانين ونصوص الدستور الكويتي، فهذا القانون مرفوض ولا يمكن ان يطبق على ارض الواقع واستغرب صمت مؤسسات المجتمع المدني عليه وخاصة جمعية الصحافيين الكويتية التي اطالبها بتحديد موقفها تجاهه.
فأتمنى ان تتحمل الحكومة مسؤولياتها ولا تمضي قدماً بهذا القانون وتعدل كثيرا من بنوده لأنها صاحبة القرار ولها اليد الطولى فيه، وما مجلس الصوت الواحد سوى حامل أختام ومصدق على قوانين محددة له، ولعل ما قاله أحد النواب هو ما يمثل المجلس فهو لم يقرأ القانون ويريد التصديق عليه، وماصرح به نائب آخر بأن القانون سيقر لأنه سيلجم البعض الذي تعود على الكذب والطعن زوراً وبهتاناً، نقول له بأن الشعب الكويتي والكتاب لا يلجمون ولا يكذبون، ولكن الحقيقة مؤلمة للبعض وأنت تعرف من الذي يلجم ويقر القوانين رغماً عنه وهو صامت لا ينافسه سوى صمت مدرجات مجلس الأمة التي أصبحت خاوية على عروشها جراء عزوف الشعب الكويتي عن حضور جلسات مجلس لا يمثلهم، ويتمنون أن يأتي اليوم الذي يحل ليرتاحوا منه الى غير رجعة، والله المستعان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق